''تيورطلت'' قرية نائية معزولة، بتراب بلدية تيوت السياحية، تبعد عنها بحوالي 30 كيلومترا على الطريق الوطني رقم .6 نصف هذه المسافة مسلك ترابيّ مغطّى بالرمال، يحمل أكثـر من دلالة عن طبيعة هذه المنطقة.
تضمّ هذه القرية مرافق عمومية، مازالت قائمة، رغم تآكل جدرانها وسكنات متناثرة حوّلتها عوامل الطبيعة إلى حواجز للكثبان الرملية. إنه الخراب، الذي طال هذه القرية المهجورة لأكثر من 30 سنة، بعدما وقّع المستفيدون منها شهادات وفاتها لحظة ولادتها أو بعدها بقليل، وفضلوا الإبقاء على حياة الخيم والحط والترحال والبحث عن ''مراتع'' الرعي والكلأ للمواشي.
ومن عمق تراكمات هذا الماضي المثقل بالمتاعب وشتّى صور البؤس والشقاء، الذي تعيشه المنطقة، تحرّكت المساعي والجهود لتصنع التحدّي في هذه القرية الشبح، فتنافست المبادرات بين السلطات المحلية لبلدية تيوت ومديرية التربية.
وكانت انطلاقة التغيير من المدرسة الإبتدائية الوحيدة، التي رصدت لها البلدية 400 مليون سنتيم، لترميم بعض الأجزاء منها. ودشنت العملية بفتح قسم ورفع العلم الوطني فوق مبنى هذه المؤسسة العمومية، التي استقبلت، ولأول مرّة، منذ إنشاء القرية عشرين تلميذا من أبناء البدو الرحل، يزاولون دراستهم في السنة الأولى ابتدائي، بأعمار متفاوتة، تجاوزت، في أغلب الأحيان، السنّ القانوني للتمدرس، بما يقارب العشر سنوات.
وقد وفّرت المديرية الوصيّة كل الشروط المساعدة على التحصيل التربوي، بما في ذلك اللوازم المدرسية، الإطعام والمعلم. ومـن هـذا الإقـلاع كانت بداية التحدّي في قرية مازالت تبحـث عن سكانها، لكن ليس قبل إعادة تحريك وبعث الحياة في باقي المرافق ذات الخدمة العمومية، وبأكثر خصوصية قاعة العلاج، التي مازالت الحلقة المفقودة، فضلا عن البريد والإنارة العمومية ومياه الشرب، وقنوات الصرف الصحي والطرقات وإزالة أكوام الرمال، التي كادت تقبر هذه القرية، التي اجتهدنا في البحث عن مصدر تسميتها لكن لا أحد من أبناء المنطقة تمكّن من إعطاء التفسيرات الكافية، لتساؤلنا الذي تظل إجابتـه معلقـة إلى حــين تكتمـل شروط الإستقرار بهذا المكان.
ق/خ