إكتشاف محطة جديدة للصخور المنقوشة..

إكتشاف محطة جديدة للصخور المنقوشة..

في إطار نشاطات جمعية أصدقاء الأطلس لحماية التراث بولاية النعامة، والتي تتماشى والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها الجمعية بغية الحفاظ على الموروث الثقافي وحمايته والتعريف به.
أقدم لكم أصدقائي اليوم هذه اللوحة الفنية الرائعة من فنون العصر الحجري التي لا زالت إلى اليوم تحافظ على كيانها الفني وتؤدى وظيفتها الإيحائية والتعبيرية على أحسن وجه، فهي إضافة إلى أروع ما ترك إنسان ذلك العصر من فن وأثر بمنطقتنا. والتى استلهم فيها الفنان القديم نمط الحياة المعاشة ساعتها.
ففي جنوب بلدية عسلة بمحاذات جبل تانوت وعلى لوحة جدارية تقدر مساحتها حوالي 55 متر مربع نجد هذه الجدارية التي أبدعها إنسان العصر الحجري الحديث وهي تجسد شخصية إنسان في وضعية استعداد لمواجه خطر محدق، يضع قناعا وقرونا على رأسه ويحمل بيده أداة تستعمل كسلاح في المواجهة، والظاهر أنه يمارس طقسا سحريا معينا، يقابله أسفل الجدارية مباشرة أسد في حالة ترصد أبدع الفنان في تصوير حركة القدمين لتعكس حالة التخفي والاستعداد للهجوم.
الأمر المهم الذي تجدر الإشارة إليه هو ضرورة دراسة هذا المشهد دراسة أثرية أنثروبولوجية و (anthropo-zoomorphic) فوضع القرون على الرأس مع إبراز العضو التناسلي رمز الخصوبة في ذلك العصر، يحيلنا إلى إله الفراعنة آمون الذي هو على هيئة رجل برأس خروف والذي ترتبط قرونه المقوسة الغريبة بالكلمة الدارجة التي تستخدم اليوم بالإنكليزية للدلالة على شخص مثار جنسيا عندما يقال "Horny" التي أتت من هورن "Horn" أي قرن وهو نظير الإله أمون الكبش ذو القرون المعقوفة؟ إله الخصوبة والذي عرف تقديسه وعبادته في شمال إفريقيا قبل الحضارة المصرية كما تدل عليه العديد من الدلائل الأثرية ومحطات الصخور المنقوشة اهمها محطة كبش بوعلام بولاية البيض.
كما أننا نجد في نفس الجدارية العديد من الرسومات التي انطمست معالم الرسم عليها، كنتيجة للتأثيرات الجوية، بفعل هشاشة الصخرة المكونة من الرمال المتحجرة "grés rouge
موقع الجدارية الذى تم اختياره لهذا العمل الفنى الرائع، والحيوانات المدجنة والأسود، ودقة العمل والجهد الذى بذل فيه، كلها تعطى انطباعات روحية عميقة، كما أن الفنان الذى رسم على هذه الصخور، لايقدم تفاصيل لملامح الوجه أوالجسد، بقدر ما ينقل إحساسه الفطرى لما يرسمه. أما المكان بمجمله فهو يعد موقعا أثريا هاما لكل باحث في الميدان، وبالمقابل مزارا رائعا للسياحة والاستمتاع بالسكينة وهدوء طبيعة الأطلس الصحراوي.
.










.

أحمد عقون توفيق أزرار. أكتوبر 2017.

ديناصور تيوت المجهول


هذه أثار أقدام ديناصور بمنطقة تيوت جنوبا بحوالي 12كلم، وهي ليست معروفة لحد الآن. تقع هذه الآثار على لوح من الحجر الجيري الدولوميتيك، آثار هذه الديناصورات  يرجع تاريخها الى 200 مليون سنة (الترياسي الجوراسي) وهي من بين أقدم آثار ديناصورات معروفة في العالم. بحوالي عشرة  آثار أقدام على مساحة من 2 م2. طول الأصابع تختلف من 9 إلى 13 سم إلى أقصى عرض لها 6 سم. وهي آثار أقدام صغيرة تتعلق بنوع من  الديناصورات الوحوش ذوات الأقدام من جنس Grallator.

أعتذر لرداءة الصورة، فقد تم التقاط هذه الصور بواسطة جهاز الهاتف المحمول فقط.


من ينقذ نخيـــــل تيوت..!؟

من ينقذ نخيـــــل تيوت..!؟
عقون أحمد
عند مجيئ أول فرقة عسكرية استطلاعية استعمارية لقصر تيوت جنوب ولاية النعامة، سنة 1847. فوجئ الدكتور -فليكس جاكو- الذي كان ضمن طلائع الجنرال كفينياك- بجمال واحة تيوت، بحيث تحتل فيها الواحة موقعا استراتجيا وسط ديكور طبيعي خلاب منحها خصوصية وجاذبية، فطابعها العمراني والمعماري المميز دفعه إلى تصنيفها على أساس أنها من الواحات الرائعة في المنطقة، والتي وصفها بالأجمل والأوسع و الأكثر تنوعا وغنى والأكثرخصوبة مقارنة بواحات الأطلس الصحراوي الأخرى التي زارها.
وقد قدر عدد النخيل بها بأزيد من 7000 نخلة. والمئات من الأشجار المثمرة الأخرى. تمتد على مساحة قدرها 4كلم 2.
حيث تعتبر النخلة من أهم مقومات الحياة في الصحراء. فقد زرع النخيل على ضفاف وادي تيوت منذ قديم الزمان، واكتسبت النخلة بذلك مكانة كبيرة عند أهالي المنطقة، فقد تباع الأرض الفلاحية وتبقى النخلة تابعة لصاحبها. فبالاضافة الى ثمرها الذي يمكن اعتباره غذاء كاملا حيث يحتوي على السكريات والبروتينات والفيتامينات وأملاح مثل أملاح البوتاسيوم، وسهولة تخزينه، فإن فائدة النخلة لاتقتصر على ذلك فقط، فجميع مخلفاتها يستفيد منها الإنسان فللنخلة فوائد كثيرة خلاف ثمرها. حيث يصنع من أليافها الحبال ومواد الحشو للأثاث، ومن سعفها القفف والزنابيل والقبعات الشعبية، ومن جريدها تصنع السلال وأوعية نقل الفواكه والخضراوات والأثاث الخفيف مثل الكراسي والأسرة، كما تستعمل جذوع النخل شديدة الاحتمال، في تسقيف المنازل والأزقة بالقصر العتيق. كما تستخدم النخلة في صد الرياح والاحاطة بالمزروعات والأهم أنها تستخدم في وقف زحف الصحراء على الواحات إذ أنها مثالية في تثبيت الكثبان الرملية، وذلك لطبيعة جذورها القوية والمنتشرة أفقيا في التربة لأكثر من عشرة أمتار و طبيعتها الانبوبية الشبكية و التي تقوم بالتثبيت الهائل للتربة.
أمّا اليوم فقد أصبحت هذه الواحة الغنّاء مهددة بشبح العطش. فحوالي 80% من نخيل الواحة يتعرض للموت البطئ إثر الجفاف وانجراف التربة، بسبب نقص كمية المياه الجوفية، حيث أن موارد المياه انخفضت في السنوات الأخيرة إلى نحو 70%. بعدما جفت العيون ويبست مئات أشجار النخيل التي تزين هذه الواحة المتهاوية في أعقاب تأثر المخزون الباطني من المياه الجوفية وجفاف الآبار التقليدية التي كان يتزود بها أهالي الواحة على مدار مئات السنين.
الأمر الذي أدى إلى تقلص المساحة الزراعية المروية بشكل كبير خاصة منطقة "القرارة" "والمحاسر" "والاحلاف" والتي كانت تمون منطقة الجنوب الغربي بالعديد من المنتجات الفلاحية المتنوعة.
هذا ما دفع بالكثير من الفلاحين إلى الهجرة أو تغير طبيعة النشاط.
فلايزال الفلاح في هذه الواحة الزراعية، يسجل في ذاكرته تواجد أصناف كثيرة ومتنوعة من التمور التي تتميز بها واحة تيوت كانت تفوق 80 نوعا والتي اختفت تماما، مثل آغراس ذو الجودة العالية و الفقوس والرطبي.. اضافة الى العديدمن أصناف الأشجار المثمرة الأخرى كالتفاح، والتين. وفاكهة المشمش، والخوخ، إضافة إلى بعض الفواكه التي بدأ يضعف إنتاجها، مثل اللوز، والعنب، والرمان، والبطيخ، وعلى مستوى الخضراوات. تعاني هي الأخرى ضعف الإنتاج، إضافة إلى تدني جودتها لأسباب يجهلها المستهلك والفلاح على سواء، ومن بين الخضراوات «القرع، واللفت، والباطاطس، إضافة إلى الفجل، والبقل، والسلق، والبصل، والثوم، وغيرها من المنتجات الزراعية الأخرى.
وقد تمنى عمي قادة قوري وهو أحد الفلاحين بواحة تيوت أن تعود تيوت رائدة في الزراعة، كما كانت سابقا من خلال سرعة وضع الحلول من قبل الجهات المختصة والعمل جديا على النهوض بالزراعة، مشددا على أن الوضع خطير وحساس ويستدعي تدخلا عاجلا وتدابير استثنائية من طرف السلطات العليا في البلاد. ويذكر عمي قادة أن إنتاج النخيل تراجع في السنين الأخيرة بحدة, إذ تراجع إنتاج التمور الى نسبة 1% مقارنة بالعشرين سنة الماضية. وقال إن حالة النخيل تراجعت كثيرا إذ أدى العطش إلى اصفرار جريد النخيل وتردي حالته.
فالواحة بحاجة إلى مخططات فعّالة تبعد عنها شبح العطش، وتنأى بها عن كارثة إيكولوجية محتمة، مقترحا إنشاء سدود مائية تتولى عملية السيطرة وخزن مياه الأمطار للحالات الضرورية في المنطقة، ومراقبة الحفر العشوائي للآبار الارتوازية التي قضت على العديد من منابع العيون التي كانت تغذي الواحة.
هذا وتمثل واحة تيوت إرثا حضاريا وتاريخيا فريدا في الجزائر إضافة الى جمالها الطبيعي، حيث شهدت كبرى ملاحم رجال المقاومة الجزائرية زمن الاستعمار الفرنسي على غرار البطل الشهير "الشيخ بوعمامة" (1840 – 1908م).
كما تمتاز واحة " تيوت " باحتوائها على تشكيلة متكاملة من النقوش الصخرية، , حيث تدل المواقع الأثرية المتناثرة على محيط هذه المنطقة الرطبة والتجمعات السكانية الحالية على ارتباط الإنسان منذ القديم بها
فتتبدى كمتحف مفتوح وسط الهواء الطلق، وتنتظر تيوت الآن جهودا حاسمة لإنقاذ أهلها وكنوزها الهامة من القصر العتيق الى محطات الصخور المنقوشة الى غابات النخيل.
وقد انضمت تيوت إلى اتفاقية رامسار عام 2003 وأدرجت ضمن قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية, تتمتع هاته المنطقة الرطبة بطبيعة ساحرة وفريدة , وتضم تنوعا حيويا هاما من النباتات والحيوانات البرية والمائية , والأسماك والطيور بأنواع عديدة منها الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض.

لكم الآن أن تنظروا الفرق بين تيوت الأمس، وتيوت اليوم. ولا نقول للذين كانوا السبب في هذا الخراب والاهمال.
إلا حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم

الكاتب: عقون أحمد بلدية تيوت ولاية النعامة.

Tiout2@gmail.com






جانب من السد الذي كان يغطي أكثر حاجيات الواحة من المياه. كيف كان وكيف أصبح



من بساتين الواحة أواخر ثمانينيات القرن الماضي إحدى سواقي الري قبل جفاف العين وبعدها




من الأزقة التي تفصل بين البساتين. لكم أن تقارنوا


إحدى الأحواض المائية
جانب من الواحة


إحدى بساتين منطقة الأحلآف

جانب من رحبة ساحة القصر العتيق خلال السبعينيات
جانب من الواحة
انجراف التربة





سد تيوت قديما




بعض مظاهر التخريب والإهمال.
لكم الآن أن تنظروا الفرق بين تيوت الأمس، وتيوت اليوم. ولا نقول للذين كانوا السبب في هذا الخراب والاهمال.


إلا حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم

قصر تيوت. حضارة من طين

بقلم الاستاذ: عقون أحمد

المقصود من كلمة تيوت أنها في الأصل لفظ بربري مشتقة من تيط أو تيطاوين و معناها العيون أو المنطقة الغنيـة بالمـاء

يعتبر الطين المكون الرئيسي في العمارة والبناء في منطقة جبال القصور(Monts des ksour) عبر سلسلة جبال الأطلس الصحراوي لدرجة تدفعنا الى وصف حضارة المنطقة بأنها حضارة طينية. فبدءا بالأسوار والأزقة التي لازالت تتحدى الزمن, الى أبراج المراقبة الدئرية الشكل. الى أفران اعداد مادة الجبس التقليدية التي استعملت في بناء سد تيوت. و صنع الأواني الفخارية.كل هذا يدل على أن مادة الطين كانت أساسية في حياة أهالي المنطقة.

الذين لاتزال بصماتهم خالدة في لبنات الطين التي شكلوها بأياديهم الى يومنا هذا. فمن الطين بيوتهم ومنه صنعوا أوانيهم, ومن ترابه كانت البساتين الغناء وواحات النخيل التي تبهر الزائررين.

وتميز الطين دائماً بأنه مادة سهلة الاستعمال والمزج والتعامل إضافة إلى ميزاته التي يوفرها للبناء عبر امتداد الزمن فله حسنات كثيرة اهمها انه يعدل رطوبة الهواء اذ يملك خاصية امتصاص رطوبة الهواء الزائدة بسرعة واعادتها إليه عند الحاجة ما يعني ان نسبة رطوبة الهواء في بيت مبني بالطين تبقى نحو 50 بالمئة وهذا يؤمن مناخا صحيا على مدار السنة كما أنه يخزن الحرارة ويحتفظ بها في ليالي الشتاء، وبالتالي فإن استعماله يساهم أيضا بالحد من تلوث البيئة

والطين مادة جمالية أيضاً للرسم والتشكيل الهندسي لمختلف الأشياء المراد تشكيلها وهذا ماجعله المادة الأولى في البناء والعمران عبر أحقاب زمنية متعددة .

فطبيعة المواد الأولية المتوافرة في البيئة الجغرافية تفرض نمطاً خاصاً على أسلوب العمارة والبناء فيها. حيث يشكل السكن انعكاساً لمعطيات الطبيعة والبيئة .وبما أن وادي واحة تيوت سهل رسوبي غلب الطين على العناصر المكونة له كان استخدام الطين الأكثر شيوعاً في تصميم هياكل المباني منذ العصور الغابرة.

فأسلافنا الذين عاشوا في المنطقة عدة قرون. توارثوا أساليب بناء البيوت. حيث يتم عجن التراب مع "التبن" , ثم يترك مدة من الزمن قد تصل إلى أسبوع, وذلك حتى يفرز التراب مادته الغروانية التي تساهم في تماسك اللبنة أو ما يسمى "بالطوب" وهذه العملية يطلق عليها اسم "التخمير" ثم يشكل بالأيدي على شكل لبنات, ثم يترك في الشمس ليجف. ليصبح جاهزا للبناء.

وبعد البناء تتم عملية (التلباس) وهي لياسة الجدران بالطين. والسقف يكون عبارة عن خشب من جذوع وسعف النخيل وأشجار العرعار وقد يستخدم نبات الدفلة لحماية الأخشاب من حشرة الأرضة التي تتسبب في تآكل السقف. وعمل الاضافات الضرورية للبيت مثل مدفأة الحطب والتي قد تستخدم لغرض التدفأة والطهو معا. كما يوضع في جدار الغرف ما يسمى (بالكوة )وهي لوضع الكتب أوالمصباح، بعد ذلك يتم عمل الطلاء وهو الجيرالأبيض.

وكل هذه الأعمال يشارك فيها الأبناء و الجيران و أهل القصر بما يسمى عندنا "بالتويزة" والتي تعني التضامن و التكافل

وتتميز بيوت الطين عن غيرها بجمال التصميم وقوة أبوابها وكانت تغلق بالمزاليج وتعمل من خشب الرمان أو من جذوع النخل وتوضع قطع الخشب بشكل طولي بجوار بعضها ويتم تثبيتها بقطع من الخشب توضع بالعرض. ليصل بينها وبين خشب الباب سيخ من الحديد ذي طبعة كبيرة على شكل دائري من جهة ومدبب من الأخرى ليتم ثنيه لتثبيت الخشب, فبناء قصر تيوت تم وفق مخطط مسبق وبتنظيم مدهش فكانت البيوت متلاصقة وتتبع نظاماً موحداً حيث طليت الجدران والأرضيات بالطين الأملس وشكلت العرصات والأزقة أو ما يعرف بالدرب طرق المواصلات فيها.

يتكون قصر تيوت من طابق واحد الى طابقين, وذلك حسب الحالة الاجتماعية والمادية لمالكها، طابـق علـوي مخصـص للعائلـة و الضيــوف. وطابـق سفلـي مخصـص لتخـزين المؤونـة و المـواشي جدرانه الخارجية عالية وذلك لتوفير الظل في الشوارع, كما بنيت لأغراض دفاعية على أساسات من الحجر الاحمر. يقوم فوقه اللبن واتخذت أشكالاً وسماكات مختلفة فبعضها على شكل دائري وأخرى مستطيلة حسب ما تقتضيه طبيعة المنطقة الجغرافية وتتميز هذه الجدران ببساطة تخطيطها، وخلوها من النوافذ الخارجية للحفاظ على حرمة أسرار البيوت, وإن وجدت تفتح في الجزء العلوي للجدران الخارجية.

يتوسط قصر تيوت مسجد عتيق تؤدي إليه كل الأزقة و الدروب, و غير بعيد عنه توجد ساحة عمومية تدعى تاسفلت أعدت للراحة و الإجتماعات و قيام الأفراح و حل مشاكل سكان القصر من طرف الأعيان الكبار بالإضافة إلى الحمام و المدرسة القرآنية .

أما الساحة أو ما تعرف " بالرحبة" أو تاجماعت فهي نقطة التقاء الأزقة المتعرجة وهي الفراغ الذي تتنفس منه الأحياء السكنية المتراصة والمتداخلة فيما بينها خلال الممرات وتزود الأزقة والدروب المغطاة بأشعة الشمس وفيها تقام كل النشاطات الاجتماعية كالأفراح وإحياء المناسبات المختلفة وحل النزاعات التي تقع بين سكان القصر.

ومن الطين المجفف على الشمس. تم بناء البيوت الفخمة وأهمها دار الباشاغا "سي مولاي". الذي ينحدر من أصول سيدي أحمد بن يوسف الملياني. والذي بني على أسس هندسية اسلامية عثمانية. ويتألف من عدة غرف متتالية فخمة. وممرات متعرجة تفضي إلى باحة داخلية. أول ما يشدك اليها أقواسها المتناسقة وفي وسطها نافورة ماء مصنوعة من الرخام الابيض. ومن خلال الباحة يتم الوصول إلى مختلف أقسام الدار الكبيرة والمؤلفة من عدة غرف وقاعة لجلسات الباشاغا وقاعة للاحتفالات. وغرفة استقبال الضيوف, وغرف الخدم, وجناح خاص لسكن الاسرة يضم المطبخ والحمام وغرفا علوية.

لقد كان لتعاقب الخبرات جيلا بعد جيل, وتراكمها عبر العصور الأثر الكبير إلى تمكن الإنسان من إدراك الطبيعة الكيميائية للطين وكيفية استخدامه والتعامل معه وحدود استعماله وظهر ذلك من خلال وجود أفران بدائية لصنع الأأواني الفخارية وتحضير الاسمنت الروماني كـبلاط لاصق بين القطع وهو عبارة عن خليط من الجص الأبيض والأسود ومسحوق الجبس والفحم وبقايا الروث الحيواني ليكتسب بذلك الصلابة التي مكنتهم من بناء سد تيوت والذي يعلو الواحة.

ولا يزال استخدام اللبن الطيني شائعاً في منطقة تيوت بين البساتين وفي بناء الاسطبلات لتربية المواشي, ومناطق البادية لكون هذا النوع يلائم طبيعة المناخ الجاف والحار صيفاً والبارد شتاء كما أنه قليل التكلفة ومن خلال تجربة الأقدمين أثبت إمكانيته في تصميم أبنية شاهقة وضخمة صمدت أمام عوامل الزمن عبر آلاف السنين وشكلت معلماً حضارياً بارزاً.

المقصود من كلمة تيوت أنها في الأصل لفظ بربري مشتقة من تيط أو تيطاوين و معناها العيون أو المنطقة الغنيـة بالمـاء.

يعتبر الطين المكون الرئيسي في العمارة والبناء في منطقة جبال القصور(Monts des ksour) عبر سلسلة جبال الأطلس الصحراوي لدرجة تدفعنا الى وصف حضارة المنطقة بأنها حضارة طينية. فبدءا بالأسوار والأزقة التي لازالت تتحدى الزمن, الى أبراج المراقبة الدئرية الشكل. الى أفران اعداد مادة الجبس التقليدية التي استعملت في بناء سد تيوت. و صنع الأواني الفخارية.كل هذا يدل على أن مادة الطين كانت أساسية في حياة أهالي المنطقة.

الذين لاتزال بصماتهم خالدة في لبنات الطين التي شكلوها بأياديهم الى يومنا هذا. فمن الطين بيوتهم ومنه صنعوا أوانيهم, ومن ترابه كانت البساتين الغناء وواحات النخيل التي تبهر الزائررين.

وتميز الطين دائماً بأنه مادة سهلة الاستعمال والمزج والتعامل إضافة إلى ميزاته التي يوفرها للبناء عبر امتداد الزمن فله حسنات كثيرة اهمها انه يعدل رطوبة الهواء اذ يملك خاصية امتصاص رطوبة الهواء الزائدة بسرعة واعادتها إليه عند الحاجة ما يعني ان نسبة رطوبة الهواء في بيت مبني بالطين تبقى نحو 50 بالمئة وهذا يؤمن مناخا صحيا على مدار السنة كما أنه يخزن الحرارة ويحتفظ بها في ليالي الشتاء، وبالتالي فإن استعماله يساهم أيضا بالحد من تلوث البيئة, والطين مادة جمالية أيضاً للرسم والتشكيل الهندسي لمختلف الأشياء المراد تشكيلها وهذا ماجعله المادة الأولى في البناء والعمران عبر أحقاب زمنية متعددة .

فطبيعة المواد الأولية المتوافرة في البيئة الجغرافية تفرض نمطاً خاصاً على أسلوب العمارة والبناء فيها. حيث يشكل السكن انعكاساً لمعطيات الطبيعة والبيئة .وبما أن وادي واحة تيوت سهل رسوبي غلب الطين على العناصر المكونة له كان استخدام الطين الأكثر شيوعاً في تصميم هياكل المباني منذ العصور الغابرة.

فأسلافنا الذين عاشوا في المنطقة عدة قرون. توارثوا أساليب بناء البيوت. حيث يتم عجن التراب مع "التبن" , ثم يترك مدة من الزمن قد تصل إلى أسبوع, وذلك حتى يفرز التراب مادته الغروانية التي تساهم في تماسك اللبنة أو ما يسمى "بالطوب" وهذه العملية يطلق عليها اسم "التخمير" ثم يشكل بالأيدي على شكل لبنات, ثم يترك في الشمس ليجف. ليصبح جاهزا للبناء.

وبعد البناء تتم عملية (التلباس) وهي لياسة الجدران بالطين. والسقف يكون عبارة عن خشب من جذوع وسعف النخيل وأشجار العرعار وقد يستخدم نبات الدفلة لحماية الأخشاب من حشرة الأرضة التي تتسبب في تآكل السقف. وعمل الاضافات الضرورية للبيت مثل مدفأة الحطب والتي قد تستخدم لغرض التدفأة والطهو معا. كما يوضع في جدار الغرف ما يسمى (بالكوة )وهي لوضع الكتب أوالمصباح، بعد ذلك يتم عمل الطلاء وهو الجيرالأبيض.

وكل هذه الأعمال يشارك فيها الأبناء و الجيران و أهل القصر بما يسمى عندنا "بالتويزة" والتي تعني التضامن و التكافل

وتتميز بيوت الطين عن غيرها بجمال التصميم وقوة أبوابها وكانت تغلق بالمزاليج وتعمل من خشب الرمان أو من جذوع النخل وتوضع قطع الخشب بشكل طولي بجوار بعضها ويتم تثبيتها بقطع من الخشب توضع بالعرض. ليصل بينها وبين خشب الباب سيخ من الحديد ذي طبعة كبيرة على شكل دائري من جهة ومدبب من الأخرى ليتم ثنيه لتثبيت الخشب,

فبناء قصر تيوت تم وفق مخطط مسبق وبتنظيم مدهش فكانت البيوت متلاصقة وتتبع نظاماً موحداً حيث طليت الجدران والأرضيات بالطين الأملس وشكلت العرصات والأزقة أو ما يعرف بالدرب طرق المواصلات فيها.

يتكون قصر تيوت من طابق واحد الى طابقين, وذلك حسب الحالة الاجتماعية والمادية لمالكها، طابـق علـوي مخصـص للعائلـة و الضيــوف. وطابـق سفلـي مخصـص لتخـزين المؤونـة و المـواشي جدرانه الخارجية عالية وذلك لتوفير الظل في الشوارع, كما بنيت لأغراض دفاعية على أساسات من الحجر الاحمر. يقوم فوقه اللبن واتخذت أشكالاً وسماكات مختلفة فبعضها على شكل دائري وأخرى مستطيلة حسب ما تقتضيه طبيعة المنطقة الجغرافية وتتميز هذه الجدران ببساطة تخطيطها، وخلوها من النوافذ الخارجية للحفاظ على حرمة أسرار البيوت, وإن وجدت تفتح في الجزء العلوي للجدران الخارجية.

يتوسط قصر تيوت مسجد عتيق تؤدي إليه كل الأزقة و الدروب, و غير بعيد عنه توجد ساحة عمومية تدعى تاسفلت أعدت للراحة و الإجتماعات و قيام الأفراح و حل مشاكل سكان القصر من طرف الأعيان الكبار بالإضافة إلى الحمام و المدرسة القرآنية .

أما الساحة أو ما تعرف " بالرحبة" أو تاجماعت فهي نقطة التقاء الأزقة المتعرجة وهي الفراغ الذي تتنفس منه الأحياء السكنية المتراصة والمتداخلة فيما بينها خلال الممرات وتزود الأزقة والدروب المغطاة بأشعة الشمس وفيها تقام كل النشاطات الاجتماعية كالأفراح وإحياء المناسبات المختلفة وحل النزاعات التي تقع بين سكان القصر.

ومن الطين المجفف على الشمس. تم بناء البيوت الفخمة وأهمها دار الباشاغا "سي مولاي". الذي ينحدر من أصول سيدي أحمد بن يوسف الملياني. والذي بني على أسس هندسية اسلامية عثمانية. ويتألف من عدة غرف متتالية فخمة. وممرات متعرجة تفضي إلى باحة داخلية. أول ما يشدك اليها أقواسها المتناسقة وفي وسطها نافورة ماء مصنوعة من الرخام الابيض. ومن خلال الباحة يتم الوصول إلى مختلف أقسام الدار الكبيرة والمؤلفة من عدة غرف وقاعة لجلسات الباشاغا وقاعة للاحتفالات. وغرفة استقبال الضيوف, وغرف الخدم, وجناح خاص لسكن الاسرة يضم المطبخ والحمام وغرفا علوية.

لقد كان لتعاقب الخبرات جيلا بعد جيل, وتراكمها عبر العصور الأثر الكبير إلى تمكن الإنسان من إدراك الطبيعة الكيميائية للطين وكيفية استخدامه والتعامل معه وحدود استعماله وظهر ذلك من خلال وجود أفران بدائية لصنع الأأواني الفخارية وتحضير الاسمنت الروماني كـبلاط لاصق بين القطع وهو عبارة عن خليط من الجص الأبيض والأسود ومسحوق الجبس والفحم وبقايا الروث الحيواني ليكتسب بذلك الصلابة التي مكنتهم من بناء سد تيوت والذي يعلو الواحة.

ولا يزال استخدام اللبن الطيني شائعاً في منطقة تيوت بين البساتين وفي بناء الاسطبلات لتربية المواشي, ومناطق البادية لكون هذا النوع يلائم طبيعة المناخ الجاف والحار صيفاً والبارد شتاء كما أنه قليل التكلفة ومن خلال تجربة الأقدمين أثبت إمكانيته في تصميم أبنية شاهقة وضخمة صمدت أمام عوامل الزمن عبر آلاف السنين وشكلت معلماً حضارياً بارزاً.


عمي ابراهيم نموذج اللامبالاة ببلدية تيوت بالنعامة


يعيش في بيت قصديري غربال لمياه الأمطار

هو كهل من بلدية تيوت.. من ضحايا الالغام الفرنسية.. يسكن مع اسرته في كوخ لا يصلح حتى للحيوانات ، فمعاناة عمي ابراهيم أكبر من أن تُنسى ، فقد فقد ذراعه في سن الطفولة إثر انفجار لغم من الألغام الفرنسية المضادة للأفراد في قريته في بلدية تيوت جنوب ولاية النعامة، والآن وبعد أن جاوز عمي ابراهيم سن الخمسين لا يزال مع أسرته المكونة من ثلاث بنات وولد. يعاني من الفقر والحرمان. فبعد أن سدت في وجهه جميع أبواب العمل, بسبب اعاقته.
حيث لا يجد الآن من يعطف على وضعه سوى المحسنين ،
هذا وذكر عمي ابراهيم الذي هو أحد ضحايا خط شال المشئوم أن الفرنسيون ساوموه بان يتخلى عن هويته الجزائرية ويتجنس بالجنسية الفرنسية كي يعوض فقد كشف هذا الأخير أن مراسلته للسلطات الفرنسية من أجل حق التعويض كانت إجابتها بعذر أقبح من ذنب فقد وصله عبر البريد رسالة من السلطات الفرنسية ادعت فيها فرنسا أنها عوضت الجزائر في أكتوبر سنة 1968 حيث خصصت تعويضا هام جدا لضحايا ألغامها التي تركتها في الجزائر وبهذا الأمر يكون الدين قد قضي ويضيف نفس المتحدث أن الإرسالية عرضا لما سماه بمثابة إهانة لكل جزائريين بعدما وعدته السلطات الفرنسية بتعويضات ووعود جد مغرية إن تجنس بالجنسية الفرنسية لكنه رفض .
يبقى لنا ان نشير الى انه في هذه الأرض المسكونة بالموت والخطر بسبب وجود الألغام المضادة للافراد و التي زرعتها فرنسا بالمنطقة تعرض الكثيرون مثل ابراهيم لحوادث انفجار سببها الألغام المزروعة، تحت هذه الجبال والطرق الوعرة والمساحات الشاسعة تنام الآلاف من الألغام المضادة للأفراد التي كانت سببا في قتل وإعاقة الآلاف أيضا، إنها بالنسبة للسكان المجاورين أشبه بحلم مزعج، لطالما كانت طريقا مر منه الكثيرون ولم يعودوا إلا على نعوش الموت، الأرض المنسية هذه دارت فيها العديد من المعارك المسلحة في فترة الخمسينات بين جيش التحرير و قوات المستعمر وهو ما أدى إلى زرع مئات الآلاف من الألغام

هذا و ينتظر عمي ابراهيم تدخل السلطات الولائية لانتشاله من هذه الوضعية الكارثية التي يعيش فيها و ذلك بتخصيص مسكن يحفظ له كرامته وكرامة أبنائه وتوفير منصب عمل يتلائم مع صحته الجسدية.